الثلاثاء، 30 أغسطس 2016

الشباب والعطلة الصيفية

4:11 ص

الأحد، 15 مارس 2015

أعطني نصيبي بيدك أنت

11:55 ص
يروى ان رجلا أحضر صندوقاً مملوءاً باللآلئ الغالية الثمن، ووضعه أمام أولاده الثلاثة،
و قال لهم: يا أبنائي، إني أحبكم جداً، ولذلك قررت أن أهب لكم ما في هذا الصندوق.
ثم فتح الأب الصندوق أمام الأولاد، و قال لهم: يا أبنائي، ليأخذ كل واحد منكم الآن ما يكفيه الاثنتين من الصندوق على قدر ما يستطيع، على شرط أن يأخذ مرة واحدة فقط.
و كانت الفرصه كبيرة أمام الابن الاكبر الذي كانت له كفان كبيرتان، فبدأ وملأ كلتا يديه لؤلؤا.
ثم تلاه الابن الاوسط الذي كانت كذلك له كفان كبيران، فأخذ قدرا كبيرا من اللؤلؤ.
ثم جاء دور الابن الاصغر الذي نظر الى يدي أخويه ، ثم نظر الى يدي الصغيرتين، فارتمى في حضن أبيه و قال له: أبي، هل تحبنى؟
أجاب الاب: نعم، أحبك حبا جما يا بني.
فأجاب الابن: إذاً يا أبي، أنى لا أريد أن أخذ نصيبي بنفسي، فهل يمكن أن تعطيني نصيبى بيدك أنت.
نظر الاب الى الابن، فأغلق الصندوق، و أعطى كل ما تبقى فيه لابنه الصغير.

العبرة: لا ينبغي أن نعتمد على قوتنا وقدرتنا وعلمنا، وإنما ينبغي أن نتوكل على الله، ونفوض الأمور إليه، ونثق به، ونكل الأمور إلى اختياره لنا، فإنه لا حول لنا ولا قوة إلا به سبحانه. فإذا توكلنا عليه كفانا ما اهمنا وأغنانا بفضله وأمدنا بقوته واعطانا ما هو خير لنا مما نظن.

العجوز والصبية المشاغبون

11:45 ص

يروى ان امرأة عجوزا كانت تعاني كثيرا من بعض الصبية المشاغبين الذين كانوا يتلفون الورد والنباتات الموجودة في حديقة بيتها .. وكانت في كل مرة تخرج إليهم وتطاردهم،
وطال ما جربت معهم اللوم والتعنيف، بل إنها استدعت الشرطة، ولكن ذلك كله لم يردعهم..
وأخيرا رأت أن تستعمل معهم أسلوبا آخر يختلف عما جربته في السابق، فقامت باختيار أسوأ اولئك الصبيان وأكثرهم سلطة وقوة، وأخبرته أمام بقية الصبيان أنها عينته قائدا عاما لهم ومشرفا خاصا على حديقة منزلها، وقد فرح الصبي بهذا الأمر، ومنذ ذلك لم يتجرأ أي صبي آخر على دخول حديقتها مجددا...
العبرة من هذه القصة: كثير من الأساليب التي نستعملها لضبط سلوك الأطفال ترتكز على استعمال القوة ضدهم، ولذلك تلقى منهم مقاومة شرسة، ونبقى وكاننا نلعب معهم لعبة شد الحبل، وللأسف لا يربح واحد منا. ولكن حينما نفهم نفسية الأطفال، وتعرف دوافعهم نحو الشغب فيمكننا آنئذ السيطرة عليهم، ومن هذه الأمور أنك إذا أشعرت أي طفل باهميته وتربط هذه الأهمية بسلوك ترغب منه القيام به فستجده يتجه إليه بشكل تلقائي.

الأربعاء، 4 مارس 2015

فضل اتباع الجنائز

4:36 ص


الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلى على الظالمين، والصلاة والسلام على إمام المجاهدين، وقائد الغزّ الميامين محمد بن عبد الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه .
حديثنا اليوم عن آخر حق ذكره في الحديث الذي ذكرناه سابقا، ألا وهو اتباع الجنائز، وقد جعله النبي حقا من حقوق المسلم على المسلم، فقال: ((حق المسلم على المسلم خمس: رد السلام، وعيادة المريض واتباع الجنائز، وإجابة الدعوة، وتشميت العاطس)). وحمل الجنازة واتبا
عها كدفنها والصلاة عليها وغسلها، كل هذه من فروض الكفاية التي إذا قام بها البعض سقط الإثم عن الباقين، وإن تركت فإن الإثم على الجميع. ولا شك انه من العمل الصالح الذي يثاب المسلم عليه، قال رسول الله : "من أصبح منكم اليوم صائما؟ قال أبو بكر أنا، قال: فمن تبع منكم اليوم جنازة؟ قال أبو بكر أنا. قال: فمن أطعم منكم اليوم مسكينا؟ قال أبو بكر أنا، قال: فمن عاد منكم اليوم مريضا؟ قال أبو بكر أنا، فقال رسول الله : ما اجتمعن في امرئ إلا دخل الجنة". قال القاضي عياض: معناه دخل الجنة بلا محاسبة ولا مجازاة على قبيح الأعمال.
واتباع الجنائز على مرتبتين: الأولى: اتباعها من عند أهلها حتى الصلاة عليها. والثانية: اتباعها من عند أهلها حتى يفرغ من دفنها.ومما لا شك فيه أن المرتبة الثانية أفضل من الأولى، لقوله عليه الصلاة والسلام: "من شهد الجنازة حتى يُصلى عليها فله قيراط، ومن شهدها حتى تدفن فله قيراطان". قيل: وما القيراطان؟ قال: "مثل الجبلين العظيمين". ومما لا شك فيه أن هذا الفضل العظيم في اتباع الجنائز إنما هو لمن شهدها لله لا لغيره، محتسبا أجر ذلك على الله، كما جاء في رواية أخرى عنه عليه الصلاة والسلام: "من اتبع جنازة مسلم إيمانا واحتسابا وكان معها حتى يصلّى عليها ويُفرَغ من دفنها فإنه يرجع من الأجر بقيراطين، كل قيراط مثل أحد، ومن صلى عليها ثم رجع قبل أن تدفن فإنه يَرجع بقيراط".
وهذا الاستحباب إنما هو للرجال دون النساء، أما النساء فيكره لهن اتباع الجنائز، لأنهن منهيات نهي تنزيه كما قالت أم عطية رضي الله عنها: "نهانا النبي عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا". وإنما كان اتباع الجنائز مكروها لهن لما قد يقع منهن من الصياح والنياحة ولطم الخدود وإزعاج الميت وتألم الحي، وكل ذلك مما لا يجوز. قال فقهاء المالكية: يجوز خروج المرأة الكبيرة في السن للجنازة مطلقا، وكذا الشابة التي لا تخشى فتنتها، لجنازة من عظمت مصيبته عليها، كأب، وأم، وزوج، وابن، وبنت، وأخ، وأخت، أما من تخشى فتنتها فيحرم خروجها مطلقا.
وفي اتّباعك للجنازة مواساةٌ لأولادِ الميت وأقرِبائه في مصابهم، وتضميدٌ لجراحهم، وتعاطف معهم فيما ألمّ بهم، و فيه كذلك عظة لك، وتذكرة لنفسك بأنّك كما شيّعت اليوم جنازة أخيك، فغدًا سيشيِّع غيرُك جنازتك، وحين الميت الذي كان حال حياته قويًّا شديدًا، ينزل في هذه حفرَة القبر، ويهيل عليه أقربُ النّاس وأحبّهم إليه التّراب، ويدَعونه في هذا اللحد، قد فارق أهلَه وماله، وخلا بعمَله الذي قدّمه، إن كان صالحًا فهو في روضة من رياض الجنة، وإن كان غير ذلك كان في حفرة من حفر النار. حينها تعلَم هوان الدّنيا وحقارتها، وتستعدّ للقَاء الله، وتتهيَّأ لذلك الموقف العظيم، وتسأل اللهَ الثباتَ وحسن الختام. ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((عودوا المريض، واتبعوا الجنائز تذكرْكُم الآخرة)).
وينبغي أن يكثر الذين يصلون على الميت لأنه كلما كثروا كان أنفع بإذن الله، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من ميت تصلي عليه أمة من المسلمين يبلغون مائة يشفعون له إلا شفعوا فيه" وفي رواية: "إلا غفر له". وقد يغفر له وإن كان العدد أقل من ذلك إذا كانوا مسلمين موحدين حقاً لقوله صلى الله عليه وسلم: ((ما من رجل مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلاً لا يشركون بالله إلا شفعهم الله فيه)).
ومتبع الجنازة بالخيار في المشي أمامها وخلفها، وعن جنبيها،  إذا كان ماشيا، أما إن كانوا راكبا فإنه يسير خلف الجنازة، لقول النبي عليه السلام: "الراكب خلف الجنازة، والماشي حيث شاء منها، خلفها وأمامها، عن يمينها وعن يسارها، قريباً منها". وقد روى أنس أن النبي وأبا بكر وعمر كانوا يمشون أمام الجنازة وخلفها، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن المشي خلفها أفضل من المشي أمامها لأنه مقتضى قوله: "اتبعوا الجنائز". ويؤيده قول علي رضي الله عنه: (المشي خلفها أفضل من المشي أمامها كفضل صلاة الرجل في جماعة على صلاته فذا). إلا أن يكون خلفها نساء فالمشي أمامها أحسن.
ومن السنة في تشييع الجنازة الإسراع بها إسراعاً وسطا بين البطء والعجلة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "أسرعوا بالجنازة، فإن تكُ صالحة فخير تقدمونها، وإن تكن غير ذلك فشر تضعونه عن رقابكم". ولكن لا ينبغي أن نجري به، فقد يهتز الميت على النعش، ويخفق رأسه، ويضطرب بدنه، ويتمخض فؤاده، وربما كان ذلك سببا إلى خروج شيء من الفضلات من جوفه إلى فمه أو دبره، فيذهب المعنى الذي لأجله أمرنا بتغسيل الميت وهو الإكرام للقاء الملائكة.
ويسنّ في حق المتبع للجنازة أن يكون خاشعاً متفكراً في مصيره متعظاً بالموت وبما يصير إليه الميت ولا يتحدث في أحاديث الدنيا ولا يضحك. وقد رأى بعض السلف الصالح رجلاً يضحك في جنازة فقال: أتضحك وأنت تتبع الجنازة؟ لا كلمتك أبداً.
وفي المقابل يكره اتباع الجنازة بمجامر أو صوت نياحة لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا تتبع الجنازة بنار ولا صوت"، ولما أخرجه الطبراني في الكبير عن زيد بن أرقم عن رسول الله مرفوعا: ((إن الله عز وجل يحب الصمت عند ثلاث: عند تلاوة القرآن، وعند الزحف، وعند الجنازة)) ولهذا قرر المحققون من العلماء بأن السنة في السير مع الجنازة ألا يكون معها رفع صوت ولو بالذكر والقرآن،  قال الإمام النووي رحمه الله: "واعلم أن الصواب والمختار ما كان عليه السلف -رضوان الله عليهم- من السكون والسكوت في حال السير مع الجنازة؛ فلا ترفع أصوات بقراءة ولا بذكر ولا غير ذلك، والحكمة في ذلك ظاهرة، وهي أنه أسكن لخاطره، وأجمع لفكره فيما يتعلق بالجنازة".
وقال ابن الحاج في كتابه المدخل: "فالسنة أن لا يتكلم أحد مع أحد؛ لأن الكلام في هذا المحل لغير ضرورة شرعية بدعة؛ إذ إنهم ذاهبون للشفاعة يرجون قبولها، فيشتغلون بما هم إليه صائرون، فيكون كل واحد منهم مشتغلا في نفسه بالاعتبار وبالدعاء للميت أو لنفسه وللمسلمين أو لجميع ذلك كله.
وقد كان السلف - رضي الله عنهم - في حضور جنائزهم يتناكر بعضهم من بعض...حتى إذا رجعوا للبلد تعارفوا على عادتهم في ودهم الشرعي. ثم العجب من بعضهم في كونهم يسبقون الجنازة ويجلسون ينتظرونها ويتحدثون إذ ذاك في التجارات والصنائع وفي محاولة أمور الدنيا. ومن كان على هذه الصفة كيف يرجى قبول شفاعته؟ بل بعضهم يفعل ذلك والميت يقبر في الغالب، بل بعضهم يتضاحكون حين يتكلمون وآخرون يتبسمون وآخرون يستمعون، وكل ذلك مخالف للسنة المطهرة، فإنا لله وإنا إليه راجعون". إذاً من أراد أن يذكر الله فليذكره في نفسه، فإذا فرغوا من الدفن استحب أن يدعو للميت ويستغفر له؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: {استغفروا لأخيكم وسلوا له التثبيت؛ فإنه الآن يُسأل}.ومن الأمور المكروهة في الجنازة الجلوس للمشيع قبل دفنها لما أخرجه الإمام مسلم رسول الله قال: "إذا اتبعتم الجنازة فلا تجلسوا حتى توضع".

الأحد، 1 مارس 2015

الثبات على الاستقامة

3:04 م


الحمد لله الذي منّ على عباده بالثبات على الطاعات، وصرف قلوبهم إلى استدامة الخيرات، والصلاةُ والسلام على إمام المؤمنين والمؤمنات، وأشرف المخلوقات، نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين:
أما بعد، فإن المسلم ينشط للعبادة وتنشرح نفسه لها في مواسم الطاعات كرمضان وأمثاله، ولكن قد يصيبه الفتور، فيتناقص ما كان عليه من الاجتهاد فيها والمسارعة إليها، وقد يهمل بعض الناس ما كانوا يحافظون عليه من طاعات بالكلية، وهو أمر لا يستغرب، فالإيمان يزيد أحيانا وينقص أحيانا، والقلوب تتقلب. وقد أمرنا الله تعالى بالثبات على الطاعات حتى الممات، فقال: ﴿واعبد ربك حتى يأتيك اليقين﴾، وعلمنا أن نسأله دوام الهداية في سورة الفاتحة عدة مرات: ﴿اهدنا الصراط المستقيم﴾. ونبهنا النبي عليه السلام إلى فضل العمل الصالح الدائم فقال: "أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قلّ". وقد وعد الله تعالى عباده المتمسكين بكلمة الإيمان المستقرةِ في الضمائر، المثمرةِ للعمل الصالح، بأن يثبتهم في الدنيا أمام الفتن والمحن، وفي الآخرة عند السؤال في القبر ويوم الحشر، فقال: ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ﴾. وبشر الذين استقاموا على طاعته بالأمن في الدنيا والآخرة فقال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ﴾. وثمة وسائل تعين المسلم على الثبات على الدين، منها:
1 - تلاوة القرآن الكريم بشكل يومي: فالقرآن شفاء، وهدى، ونور، ورحمة، وهو يزكي النفس ويغرس فيها الإيمان، وينير البصيرة، ويمدها بالقوة التي تتقوى بها أمام الفتن، وقد قال تعالى: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا﴾.
2 – الإكثار من ذكر الله: فبذكره تطمئن القلوب، وتتقوى صلتها بالله، وتنشط للعمل الصالح، وقد قرن الله بين الثبات والذكر في قوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾، وحين سأل الأعرابي النبي عليه السلام أن يدله على شيء يتشبث به قال له: "لا يزال لسانُك رطبا من ذكر الله".
3 – التأمل في قصص الأنبياء وحياة الصحابة والتابعين: فقد ضربوا أروع الأمثال في الثبات على الدين، وحياتهم تتضمن كثيرا من العبر والفوائد، وقد قص الله علينا في كتابه طائفة من أخبار الأنبياء والسابقين، لتثبيت أفئدة المؤمنين كما قال تعالى: ﴿وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ﴾، بالإضافة إلى أنهم قدوة لنا نقتدي بهم في سائر شؤون حياتنا مصداقا لقوله تعالى: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ﴾.
4 - تنويع الطاعات والمسارعة إليها والتدرج في الالتزام بها: فمن رحمة الله عز وجل بنا أن نوع لنا العبادات لتأخذ النفس بما تستطيع منها، فمنها عبادات بدنية، ومالية، وقولية، وقلبية، وقد أمر الله عز وجل بالمسابقة إليها جميعا، وعدم التفريط في شيء منها، فقال: ﴿فاستبقوا الخيرات﴾، وأرشدنا النبي إلى التدرج في الطاعات فقال: "إن هذا الدين متين، فأوغلوا فيه برفق"، فيكون البدء بالفرائض، ثم السنن المؤكدة، ثم النوافل، وبذلك يثبت المسلم على الطاعة، ولا يقطع الملل طريق العبادة عليه، قال تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا﴾.
5 - محاسبة النفس: قال عمر رضي الله عنه: "حاسِبوا أنفسكم قبل أن تحاسَبوا فإنه أهون لحسابكم"، وإذا حاسب الإنسان نفسه على تقصيره في الطاعات، حاول استدراك ما فاته وجبر ما قصر فيه، ووفِّق إلى الثبات عليها.
6 – مصاحبة الأخيار والصالحين، ومجالسة العلماء العاملين والدعاة المؤمنين: فهم يُذكّرونك إذا نسيت، ويعلمونك إذا جهلت، وينصحونك إذا أخطأت، وفي الحديث: "المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل". وفي المسجد ستلقى الصالحين، وتجالس التالين والذاكرين، وتسمع للدعاة الناصحين، قال تعالى: ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا﴾. وقد قال ابن عطاء الله في حِكَمه: "لا تصحب من لا يُنهضك حاله، ولا يدلك على الله مقاله"، فإن ألجأتك حاجةٌ إلى الاجتماع بمن لم يكن صالحا فاجعل ذلك في أضيق الحدود.
7 - من أعظم وسائل الثبات الاجتهاد في الدعاء بالتثبيت: فلا هادي إلا الله، ولا ثبات إلا بمعونته، وقد خاطب الله نبيه فقال: ﴿وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا﴾، وأخبرنا النبي عليه السلام أن القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد يقلبها كيف يشاء"، ولذلك"كان رسول الله يكثر أن يقول: يا مقلب القلوب، ثبت قلبي على دينك"، وكان يدعو أيضا فيقول: اللهم يا مصرف القلوب صرف قلبي على طاعتك، وقد وصف الله عباده المؤمنين بأنهم يسألونه التثبيت على الهداية ويقولون: ﴿رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا﴾.
8 - قصر الأمل وتذكر الموت: فالحياة قصيرة، والموت حق، وقد يأتيك بغتة، ﴿وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت﴾، والدنيا رحلة لها نهاية مهما طالت، فاحذر أن يختم لك بعمل أهل النار فتدخلها، وعليك أن تجعل يومك وكأنه آخر يوم لك في الدنيا، ثم تبادر إلى العمل الصالح استعدادا للقاء الله، وقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم ابن عمر فقال له: "كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل". وكان ابن عمر يقول: "إذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وإذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، و خذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك".
9 - تذكر منازل الآخرة والتطلع إلى ما عند الله من النعيم المقيم: فالذي يوقن بعظم الثواب تهون عليه مشقة العمل، وكلما تذكر المسلم أن الجنة أعدت للمتقين، وأن الفوز بها إنما هو للمؤمنين العاملين بالصالحات، سارع إلى الخيرات واجتهد في الطاعات حتى آخرِ لحظة من حياته. واسمعوا إلى ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم في بيان نعيم الجنة: "سأل موسى ربه: ما أدنى أهلِ الجنة منزلة؟ قال: هو رجل يجيء بعد ما أُدخِل أهلُ الجنةِ الجنة، فيقال له: ادخل الجنة، فيقول: أي رب: كيف وقد نزل الناس منازلهم، وأخذوا أخذاتِهم؟ فيقال له: أترضى أن يكون لك مثلُ مُلْك مَلِكٍ من ملوك الدنيا؟ فيقول: رضيت ربي. فيقول: لك ذلك ومثلُه ومثلُه ومثلُه ومثلُه، فقال في الخامسة: رضيت ربي. فيقول: هذا لك وعشرة أمثاله، ولك ما اشتهت نفسُك ولذَّتْ عينُك. فيقول: رضيت رب. قال: رب فأعلاهم منزلة؟ قال: أولئك الذين أردتُ، غرستُ كرامتَهم بيدي، وختمتُ عليها، فلم تر عينٌ، ولم تسمع أذنٌ، ولم يخطر على قلب بشر، قال: ومصداقه في كتاب الله تعالى: ﴿ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ ﴾".  

السبت، 28 فبراير 2015

تأديب لا تعذيب

3:41 م

تأديب لا تعذيب

بينما كان الأب يقوم بتركيب مصدات معدنية لسيارته الجديدة باهظة الثمن، إذا بابنه الصغير يلتقط حجراً حاداً، ويقوم بعمل خدوش بجانب السيارة باستمتاع شديد.
حينما انتبه الأب إلى ذلك غضب غضبا شديدا، وفي غمرة هذا الغضب فقد شعوره وهرع إلى الطفل وضربه علي يده عدة مرات، ولم يشعر أن يده التي ضرب بها ولده كانت تمسك بمفتاح الربط الثقيل الذي كان يستخدمه في تركيب المصدات، وان ابنه أصيب إصابة بالغة في يده، فنقله إلى المستشفى، وهنا أخبره الأطباء بأن أصابع الطفل لن تتحرك مرة أخرى.
وهو راقد على فراشه .. سأل الابن الصغير أباه في براءة : "متى أستطيع أن أحرك أصابعي مرة أخرى" ؟
فتألم الأب غاية الألم وعاد مسرعاً إلى السيارة، وبدأ يركلها عدة مرات في غضب هستيري حتى أصابه الإرهاق، فجلس على الأرض منهكاً ، ولما جلس على الأرض نظر إلى الخدوش التي أحدثها الابن، فوجده قد كتب بها (أحبك يا أبي).
فنال الأب من الأسى ما ناله، وقال في نفسه وعيناه تغرورق بالدموع : "والله لو كنت أعلم ما كتبت، لكتبت بجانبها وأنا أحبك أكثر يا بني".

العبرة: الغضب شعبة من الجنون، فإذا تملك الإنسانَ لم يعد يميز في تصرفاته بين الخطأ والصوابو بين ما يليق وما لا يليق، وقد تكون عواقب ذلك وخيمة لا يمكن استدراكها بحال.
وأسوأ ما في الأمر حين نؤذي أبناءنا وأهلينا ونحن تحت سيطرة الغضب، ونظن أن ذلك تأديب لهم وصرامة في تربيتهم، والحقيقة أن أي تصرف نتج عن الغضب إن لم تكن له نتائج سلبية فلن تكون له أي نتيجة إيجابية.

 

الاثنين، 8 سبتمبر 2014

اعرض نفسك على ميزان القرآن

1:27 م

اعرض نفسك على ميزان القرآن


روي أن الأحنف بن قيس كان جالساً يوما فجال في خاطره قوله تعالى: "لـقد أنزلنا إليكـم كتاباً فيـه ذكركـم "
فقال:عليَّ بالمصحف لألتمس ذكري حتى أعلم من أنا ومن أشبه؟
فمر بقوم (كانوا قليلاُ من الليل ما يهجعون وبالأسحار هم يستغفرون وفي أموالهم حقٌ للسائل والمحروم)، ومرَّ بقومٍ (ينفقون في السرَّاء والضرَّاء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس) فمرَّ بقوم (يؤثرون على أنفسهم ولوكان بهم خصاصة ومن يوق شُحَّ نفسه فأولئك هم المفلحون)، ومرَّ بقوم (يجتنبون كبائر الإثم والفواحش وإذا ما غضبوا هم يغفرون)
فقال تواضعاُ منه : اللهم لست أعرف نفسي في هؤلاء.
ثم أخذ يقرأ، ومر بقوم (إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون) ومرَّ بقوم يقال لهم: (ما سلككم في سقر قالوا لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين)،
فقال: اللهم إني أبرأ إليك من هؤلاء.
حتى وقع على قوله تعالى: (وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً عسى الله أن يتوب عليهم إن الله غفور رحيم)، فقال : اللهم أنا من هؤلاء.